على مدى يومي 4 – 5  نوفمبر 2020م، وبحضور 1453 مشارك ومشاركة من 78 دولة حول العالم، من قيادات ومدراء وباحثين متخصصين، عقد اتحاد رعاية الأيتام، المؤتمر العلمي الأول لرعاية الأيتام أونلاين، تحت شعار: “التجارب السابقة وآفاق التنمية”، وقد شغلت أعمال المؤتمر أكثر من 12 جلسة تخصصية، قدمت فيها 31 ورقة علمية محكمة أكاديمياً، تناولت المحاور الأساسية للعمل المتخصص برعاية الايتام وسبل تطويره.

وقد قدم الباحثون والمتحدثون تجارب غنية ومتنوعة من مناطق مختلفة في العالم (أفريقيا وآسيا وأوروبا وأمريكا)، ونقلوا تجارب وحالات مختلفة تتعلق بالأيتام (التعليم والصحة والرعاية المؤسسية والأطفال مجهولي النسب، والأيتام في مناطق النزاع والتمكين والعنف وتطوير وحوكمة المنظمات).

وقد خرج مشاركو المؤتمر بمادة غنية بالفكر والمعرفة، وطموح جريء للتغيير، وكان السؤال الأهم لتحقيق ذلك: كيف سننتقل من النظرية للتطبيق؟ أو بكلمات أخرى كيف سنستطيع ترجمة البحوث وما رافقها من نقاشات على أرض الواقع؟ ومما لا شك فيه أن ذلك سيتطلب جهداً متصلاً ومستمراً، واستكمال العمل والبناء عليه وتطويره. وتم جمع توصيات المحاضرات والجلسات النقاشية وأوراق العمل المحكمة، واستخلاص أهم ما ورد فيها، خاصة ما كان منها مشتركاً ومؤكداً عليه من الباحثين.

وكانت التوصيات كالتالي:

  1. ضرورة تطوير وتبنِّي منهـاج تربـوي يعتمـد عـلى الطـرق والوسـائل الحديثـة في التربيـة، ويلحظ خصوصيات القطاع من الناحية العملية، ويستحضر مفهوم العمل الاستخلافي في الرعاية والتوجيه والتكوين المجتمعي.
  2. ضـرورة تحقيـق المسؤولية الاجتماعية في مجـال تعليـم الأيتام ومسـاعدتهم، وإعـداد البرامج لتأهيـل أسـر الأيتام وتنميـة قدراتهـم المعرفية.
  3. ضرورة جعـل الرعايـة السـكنية مـلاذاً أخيـراً وليس أولاً أو أفضل، وتحفيـز الموظفـين المحترفين والمُدَربين تدريبـاً جيـداً، وبالتركيز على التعليـم والتدريـب وتطويـر المهـارات الحياتيـة للأيتام المُقِيمين، كما تفعيل التواصل الاجتماعي لهم وللمكفولين، وخاصةً بين أقرانهم، والتركيز على التعليم، والوصول إلى مستوى أعلى من تقدير الذات يساعدهم في تخطي الخسارة المؤلمة التي مروا بها.
  4. وعلى صعيد الصحة النفسية لدى الأرامل ركز عددٌ من التوصيات على عقد جلسات التفريغ النفسي، وإشراك الأرامل في خدمة المجتمع، وعقد دورات متعددة لزيادة مستوى التمكين الاقتصادي، كما الاهتمام بمتابعة تقديم برامج الدعم النفسي للأيتام النازحين خصوصاً، بصرف النظر عـن الاختلافات الديموغرافيـة بينهـم، كمـا توصي بدراسـة عدد من المتغيرات المرتبطة بمستوى الصدمات لدى الأطفال.
  5. وبخصوص الأيتام مجهولي النسب، يوجه الباحثون، بضرورة اتحـاد جهـود كل مـن المشرِّعِ والإعلام ومنظمـات المجتمع المدني، في سـبيل ضمـان التدريـب الكافي للأسر الكفيلـة، وتوعيتهـا، وتوعيـة المجتمع ككل بأهمية بذل الجهود الهادفة لتحقيق هوية ومواطنة اليتيم مجهول النسب.
  6. وحول العنف ضد الأيتام، نوصي بالتعاضد لمحاربة الهشاشة والفقر في أوساط النساء بشكل عام، وتمكينهن من كل إمكانيات الاستفادة من عوائد التنمية، المخوِّلة لهن من تقوية قدراتهن، وفرض إجبارية تعليم الأطفال بالأساس، وتوعية الأسرة بدور العلم في رفع كفاءاتها وقدراتها، والفرص التي يقدمها لها لتكون أفضل في المستقبل، كما ينبغي إشراك وسائل الإعلام المختلفة في التوعية بمخاطر تشغيل واستغلال الأطفال، ولا بد من المراقبة الصارمة للمشغلين والمشغلات للأطفال، وفرض عقوبات زجرية للمخالفين والمخالفات لقانون الشغل، مع صرامة تنفيذ هذه العقوبات.
  7. وفيما يعني ظروف الأيتام في مناطق النزاع، ضرورة التنسيق وتوحيد الجهود بين المؤسسات العاملة في مجال رعاية الأيتام. ولا بد من ابتكار وسائل حديثة تتميز بالفاعلية والقدرة على التأثير في المجتمع، للاستفادة أكثر من استثمار أموال الأيتام. والعمل على تأهيل الأيتام تربوياً ومهنياً وصحياً، وتنشئتهم تنشئة سليمة وصحيحة، ليكون لهم دور نشط وفعال بالمشاركة في المشاريع الممولة من أموالهم، وليكون لهم دور في تنمية مناطقهم المتضررة.
  8. وحول تمكين الأيتام وأسرهم، يهتم الباحثون، بالعمل على تمكين الأرملة اقتصادياً، من خلال التوسـع في أنمـاط العمـل غـير التقليديـة، لتتماشى مـع التغـيرات العالمية ومسـتجدات العصـر. وأهمية مأسسـة مهنـة الخدمـة الاجتماعية، والنهـوض بالعمـل الاجتماعي، مـن خلال إنشـاء المعاهد التخصصية، وإدخـال وتعميم هـذا الحقـل المعـرفي-التطبيقي إلى الجامعـات. وكذلك لابد من دمج قضايا النوع الاجتماعي في الوزارات ذات الصبغة الاقتصادية، ووضع قوانين تضمن مشاركة المرأة الاقتصادية. وتوفير بيئة جاذبة لعمل الأرامل، وذلك بتعديل قوانين العمل لتحقيق عدالة ومساواة مع الذكور بالأجور، وتسهيل حصول الأرامل على عمل جزئي وإجازات مدفوعة الأجر.
  9. كما أوصى الباحثون بضرورة إنشاء مراكز إرشاد نفسي وتربوي خاصة بالطفل اليتيم من ذوي الإعاقات وذويهم، تسهم في تحقيق الاندماج الاجتماعي المطلوب. وكذلك توفير الدعم المادي والدراسي والتربوي للأيتام من ذوي الإعاقة النوع المكتسب. والعمل على تدريب وتأهيل المعاق وأسرته من تحقيق القبول النفسي والاجتماعي للمعاق، وتوفير فرص الدمج بمختلف جوانبها الدراسية والنفسية والثقافية والأسرية، وتهيئة الفرص للعمل، والزواج، وتهيئة الرعاية الصحية.
  10. وفيما يعني حوكمة وتطوير المنظمات العاملة مع الأيتام، يرى المشاركون أن مجال كفالة ورعاية الأيتام، هو من مجالات الأداء، شديدة الاحتياج لتطبيق مفاهيم ومعايير إدارة الجودة الشاملة، سواء في التخطيط له أو في تنفيذه أو في مراقبة جودته. وكذلك أهمية تعميم تطبيق معايير إدارة الجودة الشاملة كآلية لنقل المنظمات الراعية للأيتام من منظمات تقليدية قد تحكمها العشوائية والتوجهات الشخصية للقائمين عليها، إلى منظمات متميزة تسير وفق آليات احترافية تمكنها من تلافي السلبيات، ومواجهة التحديات، وتلبية الاحتياجات المستجدة للأيتام.
  11. وبهذا الصدد، ندعو الباحثين والمتخصصين ومراكز البحث إلى إنجاز بحوث أكاديمية، ودراسات ميدانية، تؤسس لمفهوم الجودة الشاملة في نظم الكفالة وعملياتها وعناصرها ومخرجاتها، وضرورة إيجاد آليات مناسبة للتعاون في تحقيق ذلك، بين المنظمات والمؤسسات المحلية والإقليمية والدولية في مجال كفالة الأيتام، والاستفادة من تجارب المؤسسات السباقة في مجال الرعاية وبرامجها المختلفة.
  12. وفيما يعني الجهات المانحة، ضرورة اعتماد دراسات تجمع بين الواقع وظروفه، وبين القدرة على التغيير المستقبلي، وصناعة البدائل، وتطوير القدرات، لتواكب التغيير… إلخ. وكذلك تغيير مناط الاعتبار للمال، بعقلية الاستثمار لا الاستهلاك، واعتبار المال رسالة التغيير المتوسط والطويل الأجل، وليس رسالة الإغاثة والتنمية والمراوحة. مع ضرورة الاهتمام والتبني لرفع كفاءة الجهات المنفذة، وبناء قدراتها البنيوية والهيكلية والبشرية والرقمية، لتحقيق أكبر فاعلية في الإنفاق، وأقل هدر، ولتطوير شراكة رأي ورؤية.
  13. ومن جهة ثانية، اعتبار الشراكة المانحة-المنفذة، ضمانة تحقيق مساحة جدارة أعلى، ومدىً أطول، ونطاقات ملاَّءةٍ عمليةٍ أقوم. واعتبار التجربة العالمية المتنوعة في العطاء، محلاً جديراً بتكثيف الدراسة، ولكفالة دراسات بحثية معمقة، حول كيفية ربط العطاء بأجندات مجتمعية، ارتقائية وتغييرية مختلفة، ودراسة المحددات والمعايير والفروق بين الأجندات.
  14. أما لجهة المؤسسات المنفذة، فيرى الباحثون، ضرورة العمل على التأطير وفق تصنيف قطاعي وتخصصي منهجي، وإنشاء المنظومات، القطاعية والتخصصية والشبكية، لتحقيق المصالح والارتقاء، والقوة، والتنسيق. وضرورة الانتقال من التقارير والبحوث ورصد الواقع، إلى الدراسات المستقبلية، لما يمكن إحداثه من تغيير في المدى المتوسط والطويل، والعمل على تحويله إلى دراسات جدوى بعقلية استخلافية شمولية، وليس بحت اقتصادية-اجتماعية محدودة.
  15. وكذلك التحول التدريجي في الاعتمادية المالية، من اعتماد كلي على المِنح والتبرعات للإنفاق الاستهلاكي، إلى اعتمادها للإنفاق والاستثمار معاً، ولبناء الذخور الوقفية المستقبلية لتحرير القرار، وضمانه، وتأمين استمرار الأعمال عند الأزمات والمتغيرات المؤثرة.
  16. اعتبار الدراسات المستقبلية، مع الارتباط العضوي بالواقع واحتياجاته، رأسمال تكوين الكتلة الحرجة، الفاعلة، والقادرة والمنتجة لجيل الترجيح من خلال التركيز على (الأطفال والشباب) والفئات الإسنادية (الأهل/ المدارس/ المرافق المجتمعية)، لبناء شخصيةٍ قادرةٍ على الشراكة في صناعة المستقبل، ثم في ريادته، ثم في قيادته.
  17. يشكر الباحثون والمشاركون، اتحاد رعاية الأيتام، على تنظيم وتنفيذ هذا المؤتمر المميز والغني بالأبحاث والتجارب والحالات، مما حقق نقلةً نوعية في طرق التفكير والتطبيق والممارسة المهنية، ويوصون بتكرار تنظيم هذا المؤتمر، وتحويلِه إلى مناسبة دورية تطويرية ارتقائية، ومساحة مكرسة لتبادل الخبرات العملية، والأفكار التوجيهية–، والرؤى المستقبلية.
  18. كما أوصى المشاركون، بعقد ورش عمل تنفيذية، تعقبُ هذا المؤتمر، وذلك لدراسة وتطوير سبل تفعيل مخرجات المؤتمر، وتعميمِها، والعمل على اعتمادها لدى مختلف المنظمات وشركاء المصلحة والعمل والخدمة.

صدرت بنهاية فعاليات المؤتمر وتليت على المشاركين

لتحميل التوصيات pdf

توصيات المؤتمر الأول العلمي لرعاية الأيتام 4-5 نوفمبر 2020

17.11.2020